قصة "مريم وولادة عيسى عليه السلام"
كل الأقسام / قصص القرأن
كان في قديم الزمان، في أرض فلسطين، امرأة شابة طاهرة نقية اسمها مريم. كانت مريم من أسرة صالحة، ووالدتها كانت قد نذرتها لخدمة بيت الله منذ أن كانت صغيرة. وكان كل من يعرف مريم يُشيد بتقواها وطهارتها، فقد كانت امرأة نذرت نفسها لعبادة الله، وحبها لله كان أكبر من كل شيء في حياتها.
ذات يوم، وهي في معبدها، كانت مريم في حالة من السكون والعبادة، فجأة، ظهر أمامها ملك في صورة رجل حسن الهيئة، فقال لها: "يا مريم، إني بشرك بغلام طاهر، يُسمى عيسى، وهو في الدنيا والآخرة سيكون عظيمًا."
مريم، وهي في دهشة وذهول، قالت: "كيف يكون لي ولد وأنا لا أعرف زوجًا؟" وتساءلت في قلبها، كيف يحدث هذا؟ كيف سأنجب ولدًا دون زواج؟ فالإجابة التي جاءتها كانت صادمة ومفاجئة، ولكنها كانت في نفس الوقت تحمل رسالة عميقة.
قال لها الملك: "كذلك قال ربك، هو عليَّ هين، ولنجعله آية للناس ورحمة منا، وكان أمرًا مَقْضِيًّا." 🌟
هذه الكلمات كانت بداية لمجموعة من الأحداث التي لا يمكن أن يفسرها عقل بشري إلا إذا كان معجزة من الله. مريم كانت في البداية في حالة من الدهشة والقلق، كيف ستتحمل مثل هذا الأمر، وكيف سيواجهها الناس إذا علموا بما حدث؟
مرت الأيام، ومريم حملت في جنينها، ومع مرور الوقت بدأت تظهر علامات الحمل عليها. كانت مريم في حالة من العزلة، تشعر بالحيرة والخوف من نظرات الناس عندما يعرفون أن الحمل جاءها دون أن تكون متزوجة.
عندما بدأ حملها يكبر، وكان الناس قد بدأوا يلاحظون ذلك، بدأوا يوجهون إليها الاتهامات والشكوك، وقالوا: "يا مريم، كيف يأتيك هذا الولد وأنتِ طاهرة نقية؟" وبدأت الشائعات تنتشر في المدينة. كان ذلك بمثابة اختبار عظيم لمريم، اختبار في صبرها، في إيمانها، وفي يقينها في وعد الله.
مريم، مع كل ما كانت تواجهه من الاتهامات، كانت تثق تمامًا في الله. كانت تردد في نفسها: "إني لله وأنا أتوكل عليه، ولن يعجزه شيء." وعندما اقترب موعد ولادتها، قررت أن تبتعد عن الناس، فذهبت إلى مكان بعيد في الصحراء.
في هذا المكان، وفي خضم الصعوبات، كانت المفاجأة الكبرى. عندما شعرت مريم بألم الولادة، كان كل شيء حولها هادئًا جدًا، لكن الألم كان شديدًا. فبينما هي في هذا الموقف، سمعت صوتًا يأتي من أسفلها، وكان ذلك الصوت هو عيسى عليه السلام وهو في المهد. وقال لها الصوت: "لا تحزني، قد جعلنا لك تحتك جدولًا، وهزي إليك بجذع النخلة، تساقط عليك رطبًا جنيًّا." 🍃
هذه الكلمات كانت بمثابة رسالة من الله لمريم، بأن الله دائمًا يرسل العون في الوقت المناسب. ومن ثم، فقد تجسد المعجزة: عيسى عليه السلام، وهو نبي عظيم، وُلد معجزةً في كل شيء، وبدأ ينطق في المهد وهو لا يزال طفلًا صغيرًا.
قال عيسى عليه السلام: "إني عبد الله، آتاني الكتاب وجعلني نبيًا." وكأن هذه الكلمات كانت تفتح بابًا جديدًا للعالم، بابًا من النور، بفضل المعجزة التي لا مثيل لها، ونعمة الله التي كانت فوق كل شيء.
بعد ذلك، عادت مريم إلى قومها، وهم في دهشة وذهول مما رأوا. عندما أشاروا إليها وقالوا: "كيف جئت بهذا الطفل؟" فبقيت صامتة، ثم أشارت إلى الطفل، وقالت لهم: "اسألوه." وكان الطفل عيسى عليه السلام يتحدث ويبرهن لهم أنه نبي الله، ويذكرهم بقدرة الله وعظمته.
كانت تلك اللحظات بمثابة بداية رسالة عظيمة. عيسى عليه السلام، رغم أنه كان في مهد صغير، إلا أنه نطق بالحكمة والصدق، وكان أول من برهن على أن الله قادر على كل شيء، وأنه لا شيء مستحيل عليه.
العبرة العميقة من القصة تكمن في عدة دروس مهمة. أولًا، الإيمان الكامل بالله، فمريم عندما وقع عليها البلاء، لم تتساءل أو تشكك، بل سلمت أمرها لله، وأيقنت بأن الله لا يترك عباده أبدًا، حتى في أصعب اللحظات. ثانيًا، الاحتساب والصبر على الابتلاءات، لأن الله كان معها في كل خطوة. ثالثًا، الثقة في حكم الله، فكل شيء في حياة مريم كان بقدر الله وبتقديره، ولم يكن لها إلا أن تتقبل وتثق بما يحدث.
كما تظهر القصة أيضًا دور الصبر والتوكل على الله في المواقف التي يصعب تفسيرها، فالله لا يترك عباده حتى وإن كانت الظروف صعبة، وهو قادر على تغيير كل شيء في لحظة.
العبرة من القصة: "الإيمان والتوكل على الله في أصعب الظروف هو ما يعين الإنسان على مواجهة التحديات، وفي النهاية، الله قادر على أن يحقق المعجزات." ✨
التعليقات