قصة نبي الله صالح عليه السلام وقوم ثمود

كل الأقسام / قصص الانبياء

قصة نبي الله صالح عليه السلام وقوم ثمود

من هم قوم ثمود؟

بعد هلاك قوم عاد، ظهر قوم ثمود في شمال الجزيرة العربية، في منطقة تُعرف بـ الحِجْر (وهي مدائن صالح اليوم في السعودية). كانوا أقوياء البنية، متقدمين في العمارة، إذ كانوا ينحتون الجبال ويعيشون في قصور فاخرة. وكانوا يتمتعون برغد العيش والثروة، لكنهم عبدوا الأصنام بدلاً من عبادة الله.

دعوة النبي صالح عليه السلام

بعث الله نبيه صالحًا عليه السلام إلى قوم ثمود يدعوهم إلى عبادة الله وحده فقال لهم:

"يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" (هود: 61)

وذكّرهم بنعم الله عليهم، وكيف جعلهم أقوياء وأعطاهم القدرة على بناء البيوت ونحت الجبال، وقال لهم:

"هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه" (هود: 61)

لكن ردّهم كان عنيفًا، واتهموه بالكذب والسفه، وقالوا له:

"يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا، أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟" (هود: 62)

أي أنهم كانوا يحترمونه قبل أن يدعوهم إلى ترك عبادة الأصنام، فلما دعاهم إلى التوحيد أنكروه.

معجزة ناقة صالح

طلب قوم ثمود من صالح عليه السلام معجزة ليؤمنوا به، فتحدوه أن يخرج لهم ناقة عظيمة من صخرة ضخمة. فاستجاب الله لدعوة نبيه، وانشقت الصخرة وخرجت منها ناقة ضخمة أمام أعينهم.

"هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب" (هود: 64)

شروط صالح عليه السلام لقومه

  • يجب أن يتركوا الناقة تعيش في الأرض تأكل من المراعي.

  • كانت لها نوبة في الشرب: تشرب الماء من البئر يومًا كاملاً، واليوم التالي يكون لبقية القوم.

  • حذرهم صالح من إيذاء الناقة، وإلا فإن العذاب سيصيبهم.

قوم ثمود يعصون أمر الله

رغم أنهم رأوا المعجزة، استمروا في عنادهم وكفرهم. فبدأ بعضهم بالتآمر على قتل الناقة، حتى قرر تسعة رجال فاسدين قتلها. فقام رجل منهم يُدعى قدار بن سالف بتوجيه ضربة قاتلة للناقة، ثم أكمل البقية قتلها.

"فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين" (الأعراف: 77)

لم يكتفوا بقتل الناقة، بل تحدوا صالحًا وطلبوا منه أن يُعجل لهم العذاب إن كان نبيًا صادقًا.

تحذير صالح عليه السلام قبل العذاب

بعد قتل الناقة، جاء صالح عليه السلام إلى قومه وقال لهم:

"تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب" (هود: 65)

أي أن العذاب سيأتيهم بعد ثلاثة أيام، وكان هذا بمثابة الفرصة الأخيرة لهم للتوبة.

العذاب الذي أهلك قوم ثمود

في اليوم الأول اصفرت وجوههم، وفي اليوم الثاني احمرت وجوههم، وفي اليوم الثالث اسودّت وجوههم، وعرفوا أن العذاب قادم لا محالة.

  • في الليلة الرابعة، نزل عليهم عذاب رهيب.

  • أرسل الله عليهم صيحة عظيمة هزّت الأرض.

  • صاحبها رجفة شديدة دمرت بيوتهم، فجعلتهم جثثًا هامدة في أماكنهم.

"فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين" (الأعراف: 78)

أما صالح عليه السلام، فنجّاه الله هو ومن آمن معه، وغادروا المنطقة قبل نزول العذاب.

الدروس المستفادة من القصة

  1. ضرورة التوحيد: عبادة الأصنام والكبر يقودان إلى الهلاك.

  2. المعجزات لا تنفع من كفر وعاند: رغم رؤية الناقة، استمر قوم ثمود في عنادهم.

  3. عاقبة الظلم والطغيان: من يعصي أوامر الله ويكذب رسله يعرض نفسه للعذاب.

  4. مهلة الله للظالم ليست دائمة: قوم ثمود حصلوا على تحذير واضح، لكنهم لم يستفيدوا منه.

نهاية القصة: ثمود أصبحت عبرة للأجيال

بعد هلاك ثمود، بقيت آثار بيوتهم محفورة في الجبال، وأصبحت مدائن صالح شاهدة على ما حدث. وقد مرَّ النبي محمد ﷺ بتلك المنطقة، ونصح أصحابه بعدم دخولها إلا وهم خائفون ومتأملون في العبرة، حتى لا يصيبهم ما أصابهم.

"وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون" (الصافات: 137-138)

وهكذا انتهت قصة قوم ثمود، الذين كفروا رغم النعمة التي عاشوا فيها، فاستحقوا عذاب الله.

التعليقات